يقوم الإسلام على الإيمان أو العقيدة التي تكوِّن القاعدة الأساس في بناء الدين، ومنها ينطلق المؤمن، ويضبط كلَّ حركته بضوابطها، وهي تفسِّــر للإنســان طبيعةَ وجودِه ونشــأتَـه وغايتَـه، و مصـيـره، وترسـمُ له معالم صلتِه بالله – تعالى – وبالحياة والأحياء والكونِ من حوله، وعليها تقوم أحكام الشريعة والنظام والأخلاق في كل جوانب الحياة.
وقد انصرفت عناية بعض العلماء في مرحلة من مراحل تدوين علم العقيدة إلى الجدل والرد على المخالفين بأسلوب ومنهج يتفق مع منهج أولئك المخالفين، فتأثروا بالمنهج الفلسفي الإغريقي، وفسَّروا القرآن على ضوء الفكر اليوناني، فكان لا بدَّ من إعادة الأمر إلى نصابه بالعودة إلى المصادر الصحيحة الموثوقة في دراسة العقيدة؛ وهي القرآن الكريم والسٌّنة النبوية.
وسننظر في المنهج الذي سلكه القرآن الكريم في بيان العقيدة الإسلامية وغَرْسِها في النفوس وتثبيتها في القلوب ليكون لها أثرها في السلوك، وسنعرض وسائل هذا المنهج ومسالكه، بما يتفق مع طبيعة هذا البحث الموجز.